طه حسين ودوره الحضاري في العصر الحديث

الملخص

طه حسين علم شامخ في الأدب المعاصر، رائد النزعة الإنسانية في الفكر العربي الحديث، أديب فتح للأدب العربي آفاقاً عالمية، ناضل بقلمه وعلمه وعمله من اجل رفع لواء الحرية الفكرية في مختلف مرافق الحياة، قلب كبير نابض مع المستضعفين، حانٍ على المحرومين، ثائر للمعذبين والمضطهدين منافح في سبيل كرامة بني الإنسان، عقل محيط بشتى فروع الثقافة العالمية، داعٍ إلى التحرر من أغلال التقاليد المتحجرة والقيم البالية، عامل على تهيئة أسباب العلم والنور للناس أجمعين، ناقد أنشأ شرعة قيم جديدة وابتدع موازين للنقد النافذ إلى عمائق الآثار الفكرية والأدبية، ساحر بفصاحة لسانه ونصاعة بيانه وعذوبة موسيقى إسلوبه وإيقاع كلماته ونبراته، كان مع إصلاح الأزهر والعودة إلى أيامه الزاهرة، أيام كان قلعة الفكر الحر، وكان ضد من حاولوا الإقتصار على الثقافة العربية القديمة والعزوف عن الثقافة الأوربية، وكان مع الحرية بمعانيها السامية، فوقف ضد الإضطهاد السياسي ودافع عن حرية الجامعة واستقلالها ودعا إلى حرية الصحافة والتعبير عن الرأي ولقي في سبيل ذلك عنتاً ولكنه لم يلن ولم يهن، وكان طه حسين يحس بالجهل الذي يرزخ تحت وطأته الشعب المصري ويؤمن بأنّه أهم أسباب تخلفِهِ ، وبأنَّ المدرسة طريق التقدم والفلاح لذلك دعا إلى نشر التعليم وتوحيده ومجانيته وفتح السبيل أمام جميع أبناء الشعب دون حدود أو سدود، وقد فصَّل ذلك في كتابه المهم (مستقبل الثقافة في مصر)، وكان يريد أن نتحرر في الفكر وأن نؤمن بالجديد وأن نصطنع في عملنا هذه النماذج الحديثة والأشكال الجديدة، فكتب ذكرى أبي العلاء فجدَّد في الدراسة الأدبية وأخضع مادتنا الأدبية لمناهج الفكر الحديث، لقد عمل طه حسين لمصر ما استطاع وبذل للعربية التي هي أساس وجودنا العربي عمره كلّه، وأدرك أنَّ الإنسانية في آخر الأمر وحدة سعادتها هما الحرية والتقدم.

لا شك أن دور طه حسين في تكوين فكرنا العربي دور واسع المدى عميق الأثر شمل حياتنا الأدبية كما شمل تاريخنا الإسلامي، وانّ الدور الذي قام به طه حسين حضارياً اعتمد على فكره التنويري الذي جعل العقل حاكماً لنا وإماماً لنا في أمور الحياة، خطوات طه حسين الجبارة كانت علامات مضيئة على الطريق وسيتوضح ذلك للقارئ الكريم عند قراءته البحث كاملاً.